تصاعد غضب المتقاعدين في إيران احتجاجاً على تدهور أوضاعهم المعيشية
تصاعد غضب المتقاعدين في إيران احتجاجاً على تدهور أوضاعهم المعيشية
تفاقم الغضب الشعبي في إيران مجددًا مع تجدّد موجة الاحتجاجات الاجتماعية، إذ خرج مئات المتقاعدين من قطاعات النفط والفولاذ والضمان الاجتماعي، أمس الأحد، في تظاهرات متزامنة شملت العاصمة طهران وعددًا من المدن الكبرى، احتجاجًا على تدهور أوضاعهم المعيشية واستمرار تجاهل الحكومة لمطالبهم الأساسية.
وتجمّع العشرات من متقاعدي قطاع النفط أمام مقر الوزارة في طهران، مطالبين بتطبيق خطة توحيد الرواتب بصورة عادلة، وصرف مكافآت نهاية الخدمة كاملة، ووقف خصخصة الخدمات الصحية والعلاجية، بحسب ما ذكرت قناة "إيران إنترناشيونال".
وردّد المحتجون هتافات غاضبة ضد وزير النفط محسن باكنجاد، منها: "وزير غير كفء.. استقل استقل"، في إشارة إلى فشل الوزارة في تحسين أوضاعهم المعيشية رغم الوعود الحكومية المتكررة.
كما رفعوا لافتات كُتب عليها: "العامل والمتقاعد، وحدة وحدة" و"راتب المتقاعد لا يكفي سوى لأسبوع"، إضافة إلى شعارات تعكس عمق الأزمة المعيشية مثل: "ثلاجة المتقاعد أكثر فراغًا من ذي قبل".
وشهدت الوزارة خلال السنوات الأخيرة سلسلة من الاحتجاجات المماثلة من قبل المتقاعدين الذين يطالبون بحلول عاجلة لأزماتهم الاقتصادية والصحية، لكن الحكومة الإيرانية لم تقدم أي إصلاح ملموس حتى الآن.
احتجاجات الضمان الاجتماعي
في مدينة أصفهان، خرج متقاعدو صناعة الفولاذ في مسيرة حاشدة، رفعوا خلالها لافتات كتب عليها: "بلد غني بالموارد.. ما الذي أصابك؟"، في تعبير عن غضبهم من سوء إدارة الموارد الوطنية.
وتزامنت هذه التظاهرات مع تجمعات مماثلة لمتقاعدي مؤسسة الضمان الاجتماعي في مدن متعددة، منها الأهواز، شوش، رشت وكرمانشاه، حيث طالب المشاركون بتحسين المعاشات وتوفير الرعاية الطبية المجانية.
ووفق مقاطع فيديو بثّتها قناة "إيران إنترناشيونال"، هتف المتقاعدون في مدينة شوش بشعارات مناهضة للنظام، من بينها: "عدونا هنا.. يكذبون حين يقولون إنه في أميركا"، في إشارة إلى تحميل النظام مسؤولية الأزمة الاقتصادية المتفاقمة.
مطالب واستياء متصاعد
أوضحت وكالة "إيلنا" العمالية أن المتقاعدين طالبوا الحكومة بتطبيق المادتين 54 و96 من قانون الضمان الاجتماعي اللتين تنصان على توفير العلاج المجاني وتعديل المعاشات التقاعدية بما يتناسب مع غلاء المعيشة.
كما شددوا على ضرورة الحفاظ على استقلال مؤسسة الضمان الاجتماعي ووقف استنزاف مواردها المالية، مؤكدين أنها "ملك للمؤمَّن عليهم وليست مؤسسة حكومية تابعة للنظام".
وفي تطور موازٍ، أعلنت وكالة "إيلنا" أن الخبازين في طهران نظموا يوم أمس تجمعًا احتجاجيًا أمام اتحاد الخبازين بالعاصمة اعتراضًا على تأخر صرف دعم الخبز، فيما شهدت مدينة مشهد تجمعًا مشابهًا للسبب نفسه قبل يوم واحد فقط.
وتعكس هذه التحركات تصاعد وتيرة الغضب الاجتماعي في مختلف القطاعات المهنية، نتيجة استمرار التضخم وارتفاع الأسعار وتراجع قيمة العملة الإيرانية.
احتقان اجتماعي متزايد
أشارت تقارير حقوقية إلى أن الاحتجاجات في إيران لم تعد تقتصر على فئة معينة، بل باتت تشمل العمال والمعلمين والطلاب وأصحاب المهن الحرة والمتقاعدين، في ظل عجز الحكومة عن السيطرة على الأزمة الاقتصادية ووقف انهيار القوة الشرائية.
وكشف موقع "هرانا" الحقوقي في تقرير صدر في مارس 2025، أن عدد الاحتجاجات المسجّلة خلال عام 2024 بلغ 3,702 احتجاجًا وإضرابًا في مختلف القطاعات، ما يعكس تصاعد الغضب الشعبي ضد النظام الإيراني وتزايد الفجوة بين الحكومة والمجتمع.
وأكد التقرير أن الأوضاع المعيشية للإيرانيين "تزداد سوءًا يومًا بعد يوم"، رغم الوعود الإصلاحية التي يكررها المسؤولون في طهران دون تنفيذ فعلي، مشيرًا إلى أن النظام يواجه اليوم واحدة من أوسع موجات الاحتجاجات الاجتماعية منذ عقدين.